بقلم/ الخبير الاقتصادي سامر شقير
تتجه أنظار العالم اليوم إلى المملكة العربية السعودية، التي تشهد تحوّلًا اقتصاديًا وتنمويًا غير مسبوق، مدفوعًا برؤية 2030 التي غيّرت قواعد اللعبة.
هذه الرؤية لم تكتفِ بالتخطيط، بل نقلت المملكة إلى موقع الريادة كقوة اقتصادية إقليمية وعالمية، وفتحت آفاقًا غير محدودة أمام المستثمرين المحليين والدوليين، حيث أصبحت المشاريع الكبرى رافعة لهذا التحوّل، ومصدرًا لفرص استثمارية تتكامل فيها الربحية مع الابتكار.
في قلب هذا التحوّل الاستراتيجي تبرز مدينة نيوم، المشروع الأضخم والأكثر طموحًا في المنطقة. مدينة المستقبل التي تحتضن «ذا لاين»؛ نموذجًا ثوريًا في التخطيط العمراني يعتمد على الذكاء الاصطناعي والتقنيات النظيفة. كما تشمل نيوم مشروع أوكساجون، المدينة الصناعية العائمة، التي تعيد تعريف الصناعة المستدامة والتصنيع الذكي، بالإضافة إلى تروجينا التي تمثل نقلة نوعية في السياحة الجبلية الفاخرة. إن استثمارات نيوم لا تركز فقط على البناء، بل على إعادة ابتكار طريقة العيش والعمل في مدن الغد، من خلال تعزيز التكنولوجيا المتقدمة والخدمات اللوجستية الرقمية والصناعات المؤتمتة.
ولم تتوقف المملكة عند نيوم، بل أطلقت مشروعات كبرى تعيد رسم خريطة السياحة والترفيه. مشروع البحر الأحمر ينهض كوجهة عالمية فاخرة تدمج بين الاستدامة والرفاهية، وتفتح آفاقًا للاستثمار في الخدمات السياحية الذكية، والتجارب الرقمية، والتقنيات البيئية الخضراء.
في حين تمثل القدية مستقبل الترفيه في المنطقة، بفرص ضخمة في تطوير ألعاب الفيديو، وتطبيقات الواقع الافتراضي، وخدمات الترفيه الرقمي، إلى جانب تنظيم الفعاليات العالمية المدعومة بالتكنولوجيا. هذه المشاريع لا تهدف فقط إلى جذب السياح، بل إلى تأسيس اقتصاد متنوع تقوده التقنيات الحديثة.
وفي خضم هذا الزخم، تبدو الفرص الاستثمارية في السعودية أكثر نضجًا وجاذبية. فالمشاريع الكبرى تفتح أبوابًا واسعة أمام القطاعات التقنية الصاعدة مثل المدن الذكية، الزراعة العمودية، الطاقة المتجددة، تحليلات البيانات الضخمة، وحلول الذكاء الاصطناعي. كما تمثل السياحة الرقمية والواقع المعزز أدوات جديدة في استقطاب المستثمرين، إلى جانب الخدمات اللوجستية الذكية والبنية التحتية المعتمدة على الأتمتة والابتكار. إنها فرص تُبنى على معادلة واضحة: تكلفة أقل، وربحية أعلى، وقابلية للتوسع العالمي.
وراء هذه الانطلاقة غير المسبوقة، تقف الدولة بكل مؤسساتها وعلى رأسها صندوق الاستثمارات العامة، الذي يلعب دورًا محوريًا في تمويل وتوجيه هذه المشاريع، بالتوازي مع بيئة تنظيمية إصلاحية توفر حوافز متنوعة مثل الإعفاءات الضريبية، والتمويل الميسر، وحماية حقوق المستثمرين.
الاستقرار السياسي والاقتصادي، وسهولة ممارسة الأعمال، جعلا المملكة واحدة من أكثر البيئات جذبًا للاستثمار في العالم، خصوصًا في القطاعات التقنية.
ورغم التطلعات العالية، فإن إدارة المخاطر تبقى ركيزة ضرورية لنجاح الاستثمارات.
فالدخول في شراكات استراتيجية مع كيانات متخصصة في التكنولوجيا والابتكار، يضمن تقليل المخاطر وتسريع العوائد. صحيح أن الاستثمار في هذه المشاريع يتطلب رأسمال مبدئي أعلى، لكن قدرة هذه القطاعات على التوسع، وانتشارها السريع في الأسواق، يجعل العوائد طويلة الأجل واعدة بشكل استثنائي. فالسعودية لم تعد مجرد سوق واعدة، بل باتت منصة لانطلاق مشاريع عالمية من قلب المنطقة.
باختصار، المملكة لا تبني مدنًا فحسب، بل تصنع مستقبلًا اقتصاديًا جديدًا. إنها تخلق ثروات، وتُعيد تشكيل المشهد الاستثماري العالمي من الصحراء إلى القمة.
فهل أنتم مستعدون لاقتناص الفرص الذهبية؟ المستقبل يبدأ من هنا.
